جهة وبين ربا النسيئة وربا الفضل من جهة أخرى، فالأول: غير جائز إلا للضرورة، والثاني: غير جائز أيضا إلا للحاجة. فإذا قامت الحاجة في نظام اقتصادي معين إلى دفع فوائد معتدلة على رءوس الأموال، كان هذا جائزا ما دامت الحاجة قائمة، وإلا عاد الأمر إلى أصله من عدم الجواز (انظر تفصيل ذلك في [مصادر الحق في الفقه الإسلامي] للمؤلف ج ٣ صـ ١٦٩ - ٢٢٧) .
(ز) بقي أن يقال: إن عقد التأمين لا يدخل في العقود المعروفة في الفقه الإسلامي وليس له نظير فيها، وقد وردت هذه العقود على سبيل الحصر، فأي عقد جديد لا يستند إليها يكون غير جائز. وقد سبق لنا أيضا أن بحثنا هذه المسألة، وقلنا في صددها ما يأتي: (هل العقود في الفقه الإسلامي مذكورة على سبيل الحصر؟ . يبدو لأول وهلة أنها كذلك. ففي كتب الفقه لا نجد نظرية عامة للعقد، بل نجد على النقيض من ذلك عقودا مسماة تأتي عقدا بعد عقد على ترتيب غير منطقي، ويختلف هذا الترتيب في كتاب عنه في كتاب آخر، حتى ليظن الباحث أن الفقه الإسلامي لا يعرف إلا هذه العقود المسماة، وأن أي اتفاق لا يدخل تحت عقد من هذه العقود لا يكون مشروعا. ولكن هذه النظرة إلى الفقه الإسلامي نظرة سطحية، فإن الباحث يلمح من خلال الأحكام التي يقررها الفقهاء في صدد هذه العقود المسماة إنهم يسلمون بإمكان أن يمتزج عقدان أو أكثر من هذه العقود في عقد واحد، يجمع بين خصائص العقود التي امتزجت فيه، بل ويلمح أن هناك قاعدة فقهية مسلمة، هي أن المسلمين عند شروطهم، وأن كل