للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان كلاهما مقصودا كمد عجوة ودرهم بمد عجوة ودرهم، أو مدين أو درهمين ففيه روايتان عن أحمد، والمنع: قول مالك والشافعي، والجواز: قول أبي حنيفة، وهي مسألة اجتهاد.

وأما إن كان المقصود من أحد الطرفين غير الجنس الربوي، كبيع شاة ذات صوف أو لبن بصوف أو لبن: فأشهر الروايتين عن أحمد الجواز.

والنوع الثاني من الحيل: أن يضما إلى العقد المحرم عقدا غير مقصود، مثل أن يتواطآ على أن يبيعه الذهب بخرزه ثم يبتاع الخرز منه بأكثر من ذلك الذهب، أو يواطئا ثالثا على أن يبيع أحدهما عرضا، ثم يبيعه المبتاع لمعامله المرابي ثم يبيعه المرابي لصاحبه، وهي الحيلة المثلثة أو يقرن بالقرض محاباة في بيع أو إجارة أو مساقاة ونحو ذلك، مثل أن يقرضه ألفا ويبيعه سلعة تساوي عشرة بمائتين، أو يكريه دارا تساوي ثلاثين بخمسة ونحو ذلك.

فهذا ونحوه من الحيل لا تزول به المفسدة التي حرم الله من أجلها الربا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمرو أنه قال: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك (١) » قال الترمذي: حديث حسن صحيح، وهو من جنس حيل اليهود، فإنهم إنما استحلوا الربا بالحيل، ويسمونه: المشكند، وقد لعنهم الله على ذلك.

وقد روى ابن بطة بإسناد حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» ، وفي الصحيحين عنه أنه قال: «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها وأكلوا ثمنها (٢) » ، وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من


(١) سنن الترمذي البيوع (١٢٣٤) ، سنن النسائي البيوع (٤٦١١) ، سنن أبو داود البيوع (٣٥٠٤) ، سنن الدارمي البيوع (٢٥٦٠) .
(٢) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (٣٤٦٠) ، صحيح مسلم المساقاة (١٥٨٢) ، سنن النسائي الفرع والعتيرة (٤٢٥٧) ، سنن ابن ماجه الأشربة (٣٣٨٣) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٢٥) ، سنن الدارمي الأشربة (٢١٠٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>