للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «بم يأخذ أحدكم مال أخيه بغير حق؟ (١) » فإن المشتري للثمرة إنما يتمكن من جذاذها عند كمالها ونضجها، لا عند العقد، كما أن المستأجر إنما يتمكن من استيفاء المنفعة شيئا فشيئا، فتلف الثمرة قبل التمكن من الجذاذ كتلف العين المؤجرة قبل التمكن من استيفاء المنفعة، وفي الإجارة يتلف من ضمان المؤجر بالاتفاق. فكذلك في البيع.

وأبو حنيفة يفرق بينهما بأن المستأجر لم يملك المنفعة، وأن المشتري لم يملك الإبقاء، وهذا الفرق لا يقول به الشافعي وسنذكر أصله.

فلما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيعها حتى يبدو صلاحها. وفي لفظ لمسلم، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تبتاعوا الثمر حتى يبدو صلاحه وتذهب عنه الآفة (٢) » ، وفي لفظ لمسلم عنه «نهى عن بيع النخل حتى يزهو، وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة، نهى الباع والمشتري (٣) » ، وفي [سنن أبي داود] عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يحرز من كل عارض (٤) » .

فمعلوم أن العلة ليست كونه كان معدوما، فإنه بعد بدو صلاحه وأمنه العاهة يزيد أجزاء لم تكن موجودة وقت العقد، وليس المقصود الأمن من العاهات النادرة. فإن هذا لا سبيل إليه، إذ قد يصيبها ما ذكره الله عن أهل الجنة الذين قسموا {لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} (٥) {وَلَا يَسْتَثْنُونَ} (٦) ومما ذكره في سورة يونس في قوله: {حَتَّى إِذَا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} (٧)


(١) صحيح البخاري البيوع (٢١٩٩) ، سنن النسائي البيوع (٤٥٢٦) ، موطأ مالك البيوع (١٣٠٤) .
(٢) صحيح مسلم البيوع (١٥٣٤) .
(٣) صحيح مسلم البيوع (١٥٣٥) ، سنن الترمذي البيوع (١٢٢٦) ، سنن النسائي البيوع (٤٥٥١) ، سنن أبو داود البيوع (٣٣٦٨) .
(٤) سنن أبو داود البيوع (٣٣٦٩) .
(٥) سورة القلم الآية ١٧
(٦) سورة القلم الآية ١٨
(٧) سورة يونس الآية ٢٤

<<  <  ج: ص:  >  >>