للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفرق بينهما.

وسببه أن المعقود عليه في النكاح - وهو منافع البضع - غير محدودة، بل المرجع فيها إلى العرف، فكذلك عوضه الآخر؛ لأن المهر ليس هو المقصود، وإنما هو نحلة تابعة. فأشبه الثمر التابع للشجر في البيع قبل بدو صلاحه، وكذلك لما قدم وفد هوازن على النبي صلى الله عليه وسلم وخيرهم بين السبي وبين المال، فاختاروا السبي. قال لهم: «إني قائم فخاطب الناس، فقولوا: إنا نستشفع برسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين، ونستشفع بالمسلمين على رسول الله، وقام فخطب الناس، فقال: إني قد رددت على هؤلاء سبيهم، فمن شاء طيب ذلك، ومن شاء فإنا نعطيه عن كل رأس عشر قلائص من أول ما يفيء الله علينا (١) » فهذا معاوضة عن الإعتاق، كعوض الكتابة بإبل مطلقة في الذمة، إلى أجل متقارب غير محدود، وقد روى البخاري عن ابن عمر في حديث خيبر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتلهم حتى ألجأهم إلى قصرهم، وغلبهم على الأرض والزرع والنخل، فصالحوه على أن يجلوا منها، ولهم ما حملت ركابهم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة - وهي السلاح - ويخرجون منها. واشترط عليهم أن لا يكتموا، ولا يغيبوا شيئا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد.

فهذا مصالحة على مال متميز غير معلوم. وعن ابن عباس قال: «صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة: النصف في صفر، والبقية في رجب، يؤدونها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين درعا، وثلاثين فرسا، وثلاثين بعيرا، وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها، والمسلمون، ضامنون لها حتى يردوها عليهم، إن كان باليمن كيد أو غارة (٢) » رواه أبو داود.


(١) صحيح البخاري الوكالة (٢٣٠٨) ، سنن أبو داود الجهاد (٢٦٩٣) ، مسند أحمد بن حنبل (٤/٣٢٧) .
(٢) سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (٣٠٤١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>