الثالث: على تقدير اتفاقهم على الجواز هل يعتبر اتفاقهم إجماعا شرعيا تثبت به الأحكام وهم يعترفون على أنفسهم بالتقليد؟ .
الرابع: إن كان ما يدعي من التقاعد عوضا عما اقتطع من الموظف شهريا فالكلام في حكمه كالكلام في حكم التأمين، وربما كان التقاعد أشد؛ لأن ما فيه من الغرر والمخاطرة والمقامرة أشد، ولأن توزيعه يجري على غير سنن المواريث شرعا، عطاء مستمرا أو مؤقتا أو حرمانا وإن كان ما يعطى من التقاعد مكافأة التزم بها ولي الأمر باعتباره مسئولا عن رعيته، وراعى في صرفها ما قام به الموظف من خدمة الأمة، ووضع لها نظاما راعى فيه مصلحة أقرب الناس إلى الموظف، ونظر إلى مظنة الحاجة فيهم فليس نظام التقاعد من باب المعاوضات المالية بين الدولة وموظفيها، وعلى هذا لا شبه بينه وبين التأمين الذي هو من عقود المعاوضات المالية التجارية التي يقصد بها استغلال الشركات للمستأمنين، والكسب من ورائهم بطرق غير مشروعة؛ لأن ما يعطى في حالة التقاعد يعتبر مكافأة من حكومات مسئولة عن رعيتها، وتصرفها لمن قام بخدمة الأمة كفاء لمعروفه، وتعاونا معه جزاء تعاونه معها ببدنه وفكره، وقطع الكثير من فراغه في سبيل النهوض معها بالأمة.
ز- واستدلوا: بقياس نظام التأمين وعقوده على نظام العاقلة، فإن العاقلة تتحمل شرعا دية قتل الخطأ عن القاتل، وتخفيفا لأثر المصيبة عن الجاني المخطئ، وصيانة لدماء ضحايا الخطأ أن تذهب هدرا؛ لأن القاتل خطأ قد يعجز عن دفع الدية فتضيع، وشركات التأمين قد وضعت نظاما