مشاكلهم والأخذ على يد مسيئهم، وحماية ضعيفهم من غوائل الزمن وأحداثه، وهذا المعنى مفقود في شركات التأمين، إذ لا رابطة روحية بينها وبين المستأمنين، ولا أواصر رحم تدعو إلى الإحسان ودفع الظلم والعدوان أو تجعل لها سلطانا على المستأمنين يخول لها الأخذ على أيديهم وتقويم اعوجاجهم. وإذا كان الشبه بين العاقلة والتأمين في بواعث التحمل وآثاره مفقودا لم يصح أن يقاس أحدهما بالآخر.
ح- واستدلوا: بقياس عقود التأمين على عقود الحراسة، وبيانه أن عقود الحراسة وإن كان الحارس فيه مستأجرا على عمل الحراسة، فالغاية المقصودة منه هي الأمان، ونتيجته معنوية هي الاطمئنان على سلامة الشيء المحروس من العدوان، وليس كالمستأجر لنقل متاع أو على خياطة ثوب مثلا مما نتيجته حسية، وعقود التأمين كذلك، فإن المستأمن كالمؤجر، كل منهما دفع جزءا من ماله؛ لكسب الأمان، والسلامة من الخطر، والمؤمن كالحارس كل منهما أكسب صاحبه أمانا عوضا عما بذله من ماله.
ونوقش أولا: بأن الأمان ليس محلا للعقد في المسألتين، وإنما محله في التأمين الأقساط ومبلغ التأمين، وفي الحراسة الأجرة وعمل الحارس، أما الأمان فغاية ونتيجة وإلا لما استحق الحارس الأجرة عند ضياع المحروس.
وثانيا: أن الحارس بذل عملا يستحق عليه العوض، والمؤمن لم يبذل عملا للمستأمن ليأخذه عليه عوضا، وإنما يبذل مالا عند وقوع الخطر، والربا فيه محقق، وربما لا يبذل شيئا إذا لم يقع الخطر، فيكون أخذه