والثاني: لا يجوز؛ لأن المبيع في الذمة فلا يجوز أن يتفرقا قبل قبض عوضه كالمسلم فيه، والله تعالى أعلم.
الشرح: الأحكام: الإقالة فسخ وليست ببيع على المشهور من المذهب، سواء كان قبل القبض أو بعده، وبه قال أبو حنيفة رحمه الله، لأنه يقول: هي بيع في حق غير المتعاقدين، فثبتت بها الشفعة، قال أبو يوسف رحمه الله: إن كان قبل القبض فهي فسخ، وإن كان بعد القبض فهي بيع، وقال مالك رحمه الله: هي بيع بكل حال.
وحكى القاضي أبو الطيب: أنه قول قديم للشافعي رحمه الله، وأما أبو حامد فحكاه وجها لبعض أصحابنا.
دليلنا: أن المبيع عاد إلى البائع بلفظ لا ينعقد به البيع فكان فسخا كالرد بالعيب، إذا ثبت هذا فإن سلم رجل إلى غيره شيئا في شيء ثم تقابلا في عقد السلم صح، وقد وافقنا مالك رحمه الله على ذلك، وهذا من أوضح دليل على أن الإقالة فسخ، لأنها لو كانت بيعا لما صح في المسلم فيه قبل القبض، كما لا يصح بيعه، وإن أقاله في بعض المسلم فيه صح في القدر الذي أقاله، وقال ابن أبي ليلى: يكون إقالة في الجميع، وقال ربيعة ومالك: لا يصح، دليلنا: أن الإقالة مندوب إليها، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: «من أقال نادما في بيع أقاله الله نفسه يوم القيامة (١) » ، وما جاز في جميع المبيع جاز في بعضه كالإبراء والإنظار، وإن أقاله بأكثر من الثمن أو أقل منه إلى جنس آخر لم تصح الإقالة، وقال أبو حنيفة: تصح الإقالة، ويجب رد الثمن المسمى في العقد.