وقال العيني في [عمدة القاري] على ترجمة البخاري المشار إليها: وفي الحديث الثاني والثالث- يعني: الروايتين اللتين ذكرهما عن جابر - إخراجه أيضا لعلة، وهي: تطييب قلب جابر. ثم قرر العيني: أن الإخراج لذلك إخراج لمصلحة الحي.
وقال صاحب [عون المعبود] في شرحه لحديث جابر عند أبي داود: فيه دلالة على جواز الإخراج لأمر متعلق بالحي؛ لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه وقد بين ذلك جابر بقوله:(فكان في نفسي من ذلك حاجة) .
وقال البغوي في [شرح السنة] بعد تحريمه نبش قبور المسلمين لغير حاجة قال: فإن وقعت الحاجة فقد روي عن جابر قال: دفن مع أبي رجل وكان في نفسي من ذلك حاجة فأخرجته بعد ستة أشهر.
وقال في موضع آخر: ويكره نقل الميت من بلد إلى بلد آخر وأن ينقل عن مكانه بعدما دفن لغير حاجة ثم أورد قصة تحويل جابر أباه من قبره إلى مكان آخر دليلا على جواز التحويل إذا كان ثم حاجة.
ومما تقدم يتضح: أن القائلين بالمنع من نبش قبور الموتى قد عللوا ذلك: بأن قبر الميت حبس عليه ومنزل له وأن في نبشه إهانة وامتهانا له واعتداء عليه وعلى حقه، إذ يبعد نبشه قبل بلاه دون كسر عظم أو أكثر من عظامه، وقد ورد النهي عن كسر عظم الميت، وإنه ككسر عظمه حيا، كما يظهر تقدم من أهم مبررات القول ينبش قبر الميت لحاجة تتلخص فيما تعود مصلحته على الميت، كما هو الحال في تحويل قبر طلحة ونبش معاذ زوجته من قبرها، أو على الحي، كتحويل جابر لأبيه من قبره إلى مكان