للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، كتاب الله أحق وشرط الله أوثق، والولاء لمن أعتق (١) » فدخلت على ابن شبرمة وقلت له مثل ذلك، فقال: (لا أدري ما قالا، حدثني محارب بن دثار عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى منه ناقة في بعض الغزوات، وشرط له ظهرها إلى المدينة) اهـ.

فالأحاديث كما نرى مختلفة متضاربة، ولا بد من التوفيق بينها، وكان من الممكن أن يكون هذا التوفيق لمصلحة اقتران الشرط بالعقد، لا سيما أن أدلة المانعين الكثيرة منها متكلف، فما الذي جعل المذهب الحنفي يؤثر النهي عن الشرط، ويجعله هو المسيطر في هذه المسألة، ويدع الأحاديث الأخرى؟

والواقع من الأمر أن فكرة النهي عن تعدد الصفقة- فضلا عن أنها وردت في أحاديث عن النبي عليه السلام- هي الفكرة الطبيعية التي تتفق مع تطور القانون، فهي الفكرة الأولى التي يقف عندها نظام قانوني ناشئ في توخيه الدقة في التعاقد بتحري البساطة في العقد، وتكون وحدة العقد مبدأ جوهريا من مبادئه، ومن ثم لا يجوز أن يتضمن العقد أكثر من صفقة واحدة وإلا أخل ذلك بوحدته، بل لعل الفقه الإسلامي استغنى بهذه الفكرة وأمثالها- كفكرة اللفظية وفكرة مجلس العقد- عن الشكلية في العقود، تلك الشكلية التي بدأت في القانون الروماني رسوما وأوضاعا ساذجة، وجاءت في الفقه الإسلامي ضربا من الشكلية أكثر تهذيبا.

ولعل فكرة وحدة الصفقة في العقد الواحد لم يخلص منها أي نظام


(١) صحيح البخاري العتق (٢٥٦٣) ، صحيح مسلم العتق (١٥٠٤) ، سنن الترمذي الوصايا (٢١٢٤) ، سنن النسائي الطلاق (٣٤٥١) ، سنن أبو داود العتق (٣٩٢٩) ، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٥٢١) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٨٢) ، موطأ مالك العتق والولاء (١٥١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>