كتاب أبحاث هيئة كبار العلماء

الرهن - ثانيا حكم الرهن - ج: 5 - ص: 108

خاصة مع عدم الكاتب في كلا الوجهين.

واستدلوا بالكتاب والسنة والاستصحاب:

أما الكتاب: فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} (١) إلى قوله {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (٢)

وجه الدلالة: ذكر اشتراط السفر في الرهن في حال عدم وجود كاتب، فدل ذلك بمفهومه أنه لا يشرع في الحضر.

ونوقش: بأنه لا مفهوم مخالفة للشرط؛ لأنه منزل على غالب الأحوال، والدليل عليه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم اشترى في الحضر ورهن ولم يكتب؛ وذلك لأن الكاتب إنما يعدم في السفر غالبا فأما في الحضر فلا يكون ذلك بحال، ومن القواعد المقررة للأخذ بدليل الخطاب أن من شروطه أن لا يجري على الغالب، ومن أمثلة ذلك في القرآن قوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} (٣) الآية.

وأما السنة: فما ثبت عن عائشة رضي الله عنها: «أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعه (٤) » .

وجه الدلالة: أن الحديث ليس فيه اشتراط الرهن، وهم لا يمنعون من الرهن بغير أن يشترط في العقد؛ لأنه تطوع من الراهن حينئذ بما لم ينه عنه حينئذ.

---

(١) سورة البقرة الآية ٢٨٢
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٣
(٣) سورة النساء الآية ٢٣
(٤) صحيح البخاري الرهن (٢٥٠٩) ، صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٣) ، سنن النسائي البيوع (٤٦٠٩) ، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٣٦) ، مسند أحمد بن حنبل (٦/٤٢) .