وعن الوجه الثاني: بالتسليم: أن الخبر بمعنى: الأمر، لكن لم يعمل بموجب الأمر الذي هو الوجوب واللزوم في حق نفس الرهن حيث لم يجب الرهن على المديون بالإجماع - فوجب أن يعمل به في شرطه وهو: القبض ونظير ذلك قوله عليه السلام: «الحنطة بالحنطة مثلا بمثل (١) » . بالنصب. أي: بيعوا، فلم يعمل الأمر في نفس البيع؛ لأن البيع مباح غير واجب فصرف إلى شرطه وهو المماثلة فيما يجري فيه الربا.
ونوقش هذا الجواب بأوجه:
أحدها: يجوز أن يكون الأمر للإباحة بقرينة الإجماع فينصرف إلى الرهن لا إلى القبض.
وأجيب عنه: أن الأمر في الوجوب حقيقة، كما هو معروف والإجماع لا يصلح قرينة للمجاز؛ لأن المجاز هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، والإجماع لم يكن حال استعمل هذا اللفظ وإعمال الحقيقة في الرهن غير ممكن فصرف إلى القبض.
الثاني: أن القبض إن كان شرطا للجواز واللزوم وسلم ذلك فقد ارتفع النزاع ولا حاجة إلى الدليل.
وأجيب عنه: بأن الدليل لإلزام مالك - رحمه الله -، حيث لا يجعله شرط اللزوم ولا الجواز، وذلك أن الله تعالى وصف الرهن بالقبض كما وصف التجارة بالتراضي، والتراضي وصف لازم في التجارة فكذا القبض في
(١) رواه مسلم في المساقاة، والترمذي والنسائي في البيوع وغيرهم.