أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: «الرهن مركوب ومحلوب» ، قال الشافعي: ومعنى هذا القول: أن من رهن ذات در وظهر لم يمنع من درها وظهرها، وأصل المعرفة في هذا الباب: أن للمرتهن حقا في رقبة الرهن دون غيره، ومما يحدث مما يتميز منه غيره، وكذلك سكنى الدار وزرع الأرضين وغيرها فللراهن أن يستخدم في الرهن عبده، ويركب دوابه، ويؤجرها ويحلب درها ويجز صوفها وتأوي بالليل إلى مرتهنها أو إلى يد الموضوعة على يده. انتهى.
وقد قيد الغزالي والشيرازي والنووي كلام الشافعي - رحمه الله -: بأن انتفاع الراهن بالرهن مشروط بأن لا يضر على المرتهن في رهنه. انتهى.
أما المعنى: فما ذكره الشيرازي بقوله: إنه لم يدخل في العقد ولا يضر بالمعقود له فبقي على ملكه وتصرفه كخدمة الأمة المتزوجة ووطء الأمة المستأجرة. انتهى.
القول الثاني: أن الراهن لا ينتفع بالمرهون، وبهذا قال أبو حنيفة والثوري ومن وافقهما من أهل العلم، قال ابن رشد: وعمدة هذا المذهب إذا انتفع بالرهن كما إذا أجره بإذن المرتهن كان إخراجا من الرهن؛ لأن الرهن يقتضي حبسه عند المرتهن أو نائبه على الدوام، فمتى وجد عقد يستحق به زوال الحبس زال الرهن.
ويمكن أن يناقش ذلك أولا: بأنا لا نسلم أن مقتضى الرهن الحبس، وإنما مقتضاه تعلق الحق به على وجه تحصل به الوثيقة وذلك غير مناف