للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرجع ببدله، والمنفعة تصلح أن تكون بدلا فأخذها خير من أن تذهب على صاحبها وتذهب باطلا.

وقد تنازع الفقهاء فيمن أدى عن غيره واجبا بغير إذنه كالدين:

فمذهب مالك وأحمد في المشهور عنه: له أن يرجع به عليه، ومذهب أبي حنيفة والشافعي: ليس له ذلك.

وإذا أنفق نفقة تجب عليه مثل أن ينفق على ولده الصغير أو عبده: فبعض أصحاب أحمد قال: لا يرجع، وفرقوا بين النفقة والدين والمحققون من أصحابه سووا بينهما، وقالوا: الجميع واجب، ولو افتداه من الأسر كان له مطالبته بالفداء وليست دينا، والقرآن يدل على هذا القول، فإن الله تعالى قال: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} (١)

فأمر بإيتاء الأجر بمجرد الإرضاع ولم يشترط عقدا ولا إذن الأب وكذلك قال: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (٢)

فأوجب ذلك عليه ولم يشترط عقدا ولا إذنا، ونفقة الحيوان واجبة على ربه، والمرتهن والمستأجر له فيه حق، فإذا أنفق عليه النفقة الواجبة على ربه كان أحق بالرجوع من الإنفاق على ولده فإذا قدر أن الراهن قال: لم آذن لك في النفقة، قال: هي واجبة عليك وأنا أستحق أن أطالبك بها؛ لحفظ المرهون والمستأجر، وإذا كان المنفق قد رضي بأن يعتاض بمنفعة الرهن


(١) سورة الطلاق الآية ٦
(٢) سورة البقرة الآية ٢٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>