فلو استوفى الدين بعده يؤدي إلى الربا؛ لأنه يكون استيفاء ثانيا ولا يلزم ذلك حال قيام الرهن؛ لأن الاستيفاء الأول ينقضي بالرد على الراهن فلا يتكرر.
ونوقش هذان الدليلان: بأن المرتهن إنما صار مستوفيا بملك اليد لا بملك الرقبة، وقد بقي حقه في ملك الرقبة فكان له أن يستوفيه ليأخذ حقه كاملا وصار مستوفيا بالمالية دون العين فيكون له الاستيفاء ثانيا ليأخذ حقه في العين كاملا.
وأجيب عن ذلك: بأنه لا وجه إلى استيفاء الباقي، وهو ملك الرقبة بدون ملك اليد أو ملك العين بدون ملك المالية، إذ لا يتصور ذلك فيسقط للضرورة كما إذا استوفى زيوفا مكان الجياد، فإن حقه في الجودة يبطل؛ لعدم استيفاء الجودة وحدها بدون العين، فإذا لم يملك العين بقي ملك الراهن أمانة في يده فتكون نفقته حيا وكفنه ميتا عليه؛ لأنهما مؤونة الملك، ولو اشتراه المرتهن لا ينوب قبض الرهن عن قبض الشراء؛ لأن عينه أمانة، فلا ينوب قبضه عن قبض المضمون.
وأما القسم الثاني، فمعناه: أن الرهن إن كانت قيمته أقل من الدين رجع المرتهن إلى الراهن فيأخذ منه ما بقي من دينه، وإن كانت قيمة الرهن تساوي الدين لم يرجع المرتهن على الراهن بشيء، وإن كانت قيمة الرهن أكثر من قيمة الدين فإن الزائد يسلمه المرتهن إلى الراهن.
واستدل لهذا بالسنة والأثر والمعنى:
أما السنة: فقوله صلى الله عليه وسلم: «لا يغلق الرهن من صاحبه له غنمه وعليه غرمه (١) » . وجه الدلالة أن معنى قوله:«له غنمه» أي: ما زاد من قيمة الرهن على قيمة
(١) سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٤١) ، موطأ مالك كتاب الأقضية (١٤٣٧) .