تشريعات المجتمع، بل وإلى أخلاقياته وأسلوب تفكيره، بما أحرزوه من سيطرة على وسائل الإعلام، ودأبوا على توجيه كل هذه القوى في الاتجاه الذي يكفل لهم المزيد من القوة المالية، ويدعم المكانة الرفيعة التي اغتصبوها، وإن ضحوا في سبيل ذلك بالمصالح الحقيقية للشعوب التي يعيشون بين ظهرانيها.
ثم يجب أن لا يفوتنا هنا أن نشير إلى أن المال الذي آتى أصحاب البنوك هذه القوة وهذه السيطرة لم يكن في البداية مالهم الخاص، بل أكثره مال المودعين الذي أودعوه في خزائنهم لآجال معينة يحصلون في مقابلها على فائدة صغيرة، ثم يقرض أصحاب البنوك أصحاب المشروعات الإنتاجية بفائدة أكبر، ويستحلون هذا الفرق الكبير بين الفائدتين، وشيئا فشيئا تركز أكثر المال السائل في المجتمع في حوزتهم، وهكذا دانت لهم السيطرة المالية بغير أي كد أو جهد بذلوه، بل كانت عملية امتصاص دماء المجتمع وهم رابضون في بنوكهم.
أما من جهة المنتج الذي يقترض بالربا فهذه بعض النتائج التي تترتب على رباه:
أولا: غلاء أسعار السلع التي ينتجها المقترض، إذ المنتج يضيف فائدة القرض إلى تكاليف إنتاج السلع التي يشتريها المستهلكون، فكأن المجتمع - لا المنتج المقترض- هو الذي يدفع الفائدة الربوية.
ثانيا: المجتمع يدفع الفائدة الربوية إذا ظلت دورة الرخاء التي اعتمد عليها المنتج قائمة، وإذا ظل مستوى الطلب على السلعة متفقا مع تقديره، أما إذا تقلصت دورة الرخاء أو إذا نقص الطلب على السلعة بسبب ارتفاع ثمنها