الثاني: أنه على تقدير أن قروض الإنتاج لم تكن في عهد النبوة فالشريعة المحمدية عامة لمن كان في عهد النبوة ومن سيجيء إلى يوم القيامة، مبينة لأحكام العبادات والمعاملات في كل عصر من العصور، والله عليم بما كان وما سيكون، فمن حكمته أن بين لهم أحكام ما كان من الأحداث والمعاملات، وما سيكون رحمة بالأمة وإسقاطا للأعذار.
الثالث: أنه ليس كل ما فيه منفعة يكون مباحا أو مشروعا، بل لا بد من ذلك أن ترجح مصلحته على مضرته ويغلب خيره شره حتى يكون مشروعا أو مباحا، فإن الخمر والميسر فيهما منافع للناس وقد حرمهما الله سبحانه، قال تعالى:{يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا}(١) ولذا حرمهما سبحانه وتعالى، وقد رحم عباده بسعة ما أباحه لهم من المعاملات، فجعل الأصل فيها الإباحة حتى يثبت دليل المنع، وحرم علينا الربا في المعاملات، فكان فيما أحله غنى لنا عما حرمه مما تربو مضرته على منفعته.
الرابع: أن المصارف الربوية من أقوى العوامل في تكدس الثروات في أيد قليلة ليسوا ملاكها، بل هي ودائع بمصارفهم تمكنهم من السيادة الاقتصادية، ثم الكفاح بذلك وبالمكر السيئ إلى الأخذ بمقاليد