المال والوعد بالقرض يواجه هو الآخر - في قصد المستفيد من الوعد حاجة آجلة محتملة إلى مبلغ معين من المال، وفي الحالتين ينحصر العقد في حدود ضيقة معينة يبينها الطرفان ويرتكز عليها العقد. . أما في فتح الاعتماد فطالبه لا يعرف مدى حاجته ولا مواعيد هذه الحاجة، بل وقد لا يعرف أن ثمة حاجة مقبلة تلجئه إلى استعمال الاعتماد المفتوح، وإنما هو يقصد من عقد الاعتماد إلى الحصول على مجرد الاطمئنان إلى قوة مركزه الائتماني إزاء ديون تحل في المستقبل أو عمليات تجارية ينوي إبرامها.
هذا المركز الائتماني الوحيد هو الهدف الأساسي للعقد وليس كما في القرض أو الوعد بالقرض مجرد الحصول على مبلغ معين من المال، لذلك قد تكون الاستفادة من الاعتماد المفتوح عن طريق سحب شيكات أو تحرير أوراق تجارية أو تكليف البنك بالقيام بعمليات معينة لصالح العميل، وإذا اقترن فتح الاعتماد بفتح الحساب الجاري - كما هو الغالب في العمل - فإن كل هذه العمليات بما فيها عملية فتح الاعتماد تصبح مدفوعات متبادلة متشابكة لا يمكن أن نصف أحدها بأنه قرض أو بأنه وفاء لهذا القرض.
لذلك لا بد من الاعتداد بهذا الشمول والاتساع في فكرة فتح الاعتماد عند تكييف طبيعته القانونية، فلا نتبع الغرض الاقتصادي لعقد فتح الاعتماد باعتباره عملية مركبة تتميز عن العقود البسيطة التي يعرفها القانون المدني. وإذا أردنا أن نتتبع هذه العملية المركبة ونحلل أهداف العميل فيها، فإننا نراه يهدف إلى تحقيق غرضين متتاليين: