للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوجباه على نفسيهما بالتعاقد، لقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (١) وقال: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} (٢) فعلق جواز الأكل بطيب النفس تعليق الجزاء بشرطه، فدل على أنه سبب له، وإذا كان طيب النفس هو المبيح الصداق فكذلك سائر التبرعات، قياسا بالعلة المنصوصة التي دل عليها القرآن.

وكذلك قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (٣) لم يشترط في التجارة إلا التراضي، وذلك يقتضي أن التراضي هو المبيح للتجارة، وإذا كان كذلك فإذا تراضى المتعاقدان أو طابت نفس المتبرع بتبرع ثبت حله بدلالة القرآن، إلا أن يتضمن ما حرمه الله ورسوله كالتجارة في الخمر ونحو ذلك (٤) .

ويستخلص ابن تيمية من هذه المقدمات: أن الأصل في الشرط أن يكون صحيحا، ويصح معه العقد، سواء كان ذلك في المعاوضات، أو في التبرعات.

ففي المعاوضات: يجوز للبائع أن يشترط منفعة المبيع؛ كأن يسكن الدار شهرا أو ينتفع بزراعة الأرض سنة، ويجوز للمشتري أن يشترط على البائع أن يخيط له الثوب، أو يحمل المبيع إلى داره، أو يحصد الزرع، ويجوز أن يشترط البائع إذا باع الرقيق أن يعتقه المشتري، ولكن لا يجوز أن يشترط البائع أن يكون الولاء له عند الإعتاق؛ لأن هذا شرط يحلل حراما.


(١) سورة النساء الآية ٢٩
(٢) سورة النساء الآية ٤
(٣) سورة النساء الآية ٢٩
(٤) الفتاوى، (٣\ ٣٣٦، ٣٣٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>