كذلك، فإنهم عرفوا السفتجة بأنها قرض (وقد تتوافر معه فيها عناصر الحوالة) فلو كانت التأدية بنوع آخر لما كانت قرضا، لأن القرض لا بد فيه من رد المثل.
والتحويل المصرفي لا يقتصر على هذه الحالة، فإن المصرف في أغلب الأحيان يأخذ نقودا من نوع، ويكتب للمصرف الآخر أن يوفي من نوع آخر. وهذه المعاملة ليست قرضا محضا، بل تشتمل أيضا على صرف أو شبهه على ما سيأتي:
الجهة الرابعة: أن الآخذ في السفتجة القديمة لا يتقاضى أجرا عادة، اكتفاء بأنه سينتفع بالمال في سفره أو إقامته، فيربح ما يغنيه عن اشتراط أجر لعمله. أما المصرف في التحويل المصرفي فيتقاضى أجرا يسمى: عمولة. وفيما يلي سنتناول بالبحث والتمحيص كل جهة من جهات الفرق الأربع هذه بين السفتجة الفقهية القديمة والتحويلات المصرفية الحديثة، لنرى مقتضاها في الأحكام بالنظر الفقهي الإسلامي:
الفرق الأول: كون السفتجة لا تتم إلا بين بلدين، والتحويل قد يتم بين مصرفين في البلد الواحد.
هذا الفرق لا تأثير له في الحكم الشرعي بالجواز، فإن الذين أجازوا السفتجة بين بلدين يجب أن يجيزوا ما يشبهها بين مكانين في بلد واحد. بل هذه أقرب إلى الجواز، لأن اشتراط الوفاء في بلد آخر كان هو العلة التي جعلت بعض الفقهاء يكرهون السفتجة أو يحرمونها. فإذا أجازها المحققون مع وجود هذه الشبهة فإجازتها مع قرب المكانين أولى؛ لأن المقرض حينئذ لا يستفيد سقوط خطر الطريق، فلا يتوهم أنه قرض جر