كان لا ينوب عمن له الدفع إصالة غيره من سائر الموقعين إلا في حالة غيبة أو بطريق من طرق النيابة الشرعية.
على أن استثناء الدفع باستيفاء هذه البيانات إنما هو بالنظر لأصل الشرع؛ لأن هذه البيانات اللازمة قانونا هي ترتيبات زمنية جديدة ليس لها ذكر في نصوص الشريعة أو الفقه، ولكن لا يخفى أنه يجوز للحاكم أن يشترط في سماع الدعوى بصحة العقود تقييد هذه العقود بالكتابة على شكل خاص، ويترتب عليه قبول الدفع بعدم استيفاء البيانات اللازمة لصحة الورقة. لكن هذا لا يجيز للإنسان فيما بينه وبين الله تعالى أن يأكل حق صاحبه الثابت، وإن لم يحكم في القضاء له به، وبالجملة فالحوالة بتظهير الورقة التجارية هي كأية حوالة أخرى، وهذه الدفوع فيها هي دفوع مقبولة في النظر الإسلامي: فمبدأ التظهير هنا غير وارد بالنظر لأصل الشرع، وإن كان مقبولا بالنظر إلى تقييد ولي الأمر.
ثم إن المواضع التي قلنا فيها: إن التظهير يعتبر حوالة شرعية إنما يكون التظهير فيها كذلك حينما يكون- المسحوب عليه مدينا للساحب، فإن لم يكن مدينا له بالدين الذي تثبته الورقة التجارية (ويتصور هذا في السفتجة والشيك) فإن التظهير لا يمكن اعتباره عقد حوالة إلا عند من لا يشترط مديونية المحال عليه للمحيل من فقهائنا. وقد يكتفى بوجود عين للساحب لدى المسحوب عليه، كالوديعة، إن كان هذا هو الواقع، وكان الوفاء مقيدا بتلك العين (برغم اشتراط القانونيين على الراجح أن يكون دين الورقة التجارية دينا نقديا) - ولكن لا بد عند فقهائنا هؤلاء حينئذ من قبول المحال عليه.