وكذا قال ابن مسعود رضي الله عنه: إن الخبيث لا يكفر الخبيث، ولكن الطيب يكفر الخبيث.
وقال الحسن: أيها المتصدق على المسكين ترحمه، ارحم من قد ظلمت.
واعلم أن الصدقة بالمال الحرام تقع على وجهين:
أحدهما: أن يتصدق به الخائن أو الغاصب ونحوهما عن نفسه، فهذا هو المراد من هذه الأحاديث أنه لا يتقبل منه: يعني: أنه لا يؤجر عليه، بل يأثم بتصرفه في مال غيره بغير إذنه، ولا يحصل للمالك بذلك أجر لعدم قصده ونيته. كذا قاله جماعة من العلماء منهم ابن عقيل من أصحابنا.
وفي كتاب عبد الرزاق من رواية زيد بن الأخنس الخزاعي: أنه سأل سعيد بن المسيب قال: وجدت لقطة أفأتصدق بها؟ قال: لا تؤجر أنت ولا صاحبها. ولعل مراده إذا تصدق بها قبل تعريفها الواجب، ولو أخذ السلطان أو بعض نوابه من بيت المال ما لا يستحقه فتصدق منه، أو أعتق، أو بنى به مسجدا أو غيره مما ينتفع به الناس- فالمنقول عن ابن عمر أنه كالغاصب إذا تصدق بما غصبه. كذلك قيل لعبد الله بن عامر أمير البصرة وكان الناس قد اجتمعوا عنده في حال موته وهم يثنون عليه ببره وإحسانه وابن عمر ساكت، فطلب منه أن يتكلم، فروى له حديثا «لا يقبل الله صدقة من غلول (١) » ثم قال له: وكنت على البصرة.
وقال أسد بن موسى في كتاب الورع: حديث الفضيل بن عياض عن منصور عن تميم بن مسلمة قال: قال ابن عامر لعبد الله بن عمر: أرأيت هذا العقاب التي نسهلها والعيون التي نفجرها ألنا فيها أجر؟ فقال ابن عمر: أما
(١) صحيح مسلم الطهارة (٢٢٤) ، سنن الترمذي الطهارة (١) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٢٧٢) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٧٣) .