وقال سفيان فيمن اشترى من قوم شيئا مغصوبا: يرده إليهم، فإن لم يقدر عليهم يتصدق به كله ولا يأخذ رأس ماله، وكذا قال فيمن باع شيئا ممن تكره معاملته لشبهة ماله قال: يتصدق بالثمن، وخالفه ابن المبارك، وقال: يتصدق بالربح خاصة. وقال أحمد: يتصدق بالربح.
وكذا قال فيمن ورث مالا من أبيه، وكان أبوه يبيع ممن تكره معاملته: أنه يتصدق منه بمقدار الربح ويأخذ الباقي. وقد روي عن طائفة من الصحابة نحو ذلك، منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعبد الله بن يزيد الأنصاري رضي الله عنه.
والمشهور عن الشافعي رحمه الله في الأموال الحرام أنها تحفظ ولا يتصدق بها حتى يظهر مستحقها.
وكان الفضيل بن عياض يرى أن من عنده مال حرام لا يعرف أربابه أنه يتلفه ويلقيه في البحر ولا يتصدق به، وقال: لا يتقرب إلى الله إلا بالطيب، والصحيح الصدقة به؛ لأن إتلاف المال وإضاعته منهي عنه، وإرصاده أبدا تعريض له للإتلاف واستيلاء الظلمة عليه، والصدقة به ليست عن مكتسبه حتى يكون تقربا منه بالخبيث، وإنما هي صدقة عن مالكه؟ ليكون نفعه له في الآخرة حيث يتعذر عليه الانتفاع به في الدنيا (١) .