للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسلمين، فإن تابت هذه البغي وهذا الخمار، وكانوا فقراء جاز أن يصرف إليهم من هذا المال مقدار حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر أو يعمل صنعة كالنسج والغزل أعطي ما يكون له رأس مال، وإن اقترضوا منه شيئا ليكتسبوا به، ولم يردوا (١) عوض القرض كان أحسن.

وأما إذا تصدق به لاعتقاده أنه يحل عليه أن يتصدق به، فهذا يثاب على ذاك، وأما إن تصدق به كما يتصدق المالك بملكه، فهذا لا يقبله الله- إن الله لا يقبل إلا الطيب- فهذا خبيث، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «مهر البغي خبيث (٢) » (٣) .

وسئل شيخ الإسلام رحمه الله: عن الأموال التي يجهل مستحقها مطلقا أو مبهما:

فإن هذه عامة النفع، لأن الناس قد يحصل في أيديهم أموال يعلمون أنها محرمة لحق الغير؛ إما لكونها قبضت ظلما، كالغصب وأنواعه من الجنايات، والسرقة، والغلول. وإما لكونها قبضت بعقد فاسد من ربا، أو ميسر، ولا يعلم عين المستحق لها، وقد يعلم أن المستحق أحد رجلين ولا يعلم عينه، كالميراث الذي يعلم أنه لإحدى الزوجين الباقية دون المطلقة، والعين التي يتداعاها اثنان فيقر بها ذو اليد لأحدهما.

فمذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة ومالك وعامة السلف: إعطاء هذه الأموال لأولى الناس بها.


(١) قوله: (ولم يردوا) كذا في الأصل، ولعل (لم) زائدة.
(٢) صحيح مسلم المساقاة (١٥٦٨) ، سنن الترمذي البيوع (١٢٧٥) ، سنن النسائي الصيد والذبائح (٤٢٩٤) ، سنن أبو داود البيوع (٣٤٢١) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٤٦٤) ، سنن الدارمي البيوع (٢٦٢١) .
(٣) [مجموع الفتاوى] (٢٩\٣٠٧- ٣٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>