للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباطلة، إذا لم يتصل بها القبض.

فإن قيل: وأي تأثير لهذا القبض المحرم، حتى جعل له حرمة، ومعلوم أن قبض مالا يجوز قبضه بمنزلة عدمه، إذ الممنوع شرعا كالممنوع حسا، فقابض المال قبضه بغير حق، فعليه أن يرده إلى دافعه؟

قيل: والدافع قبض العين واستوفى المنفعة بغير حق، كلاهما قد اشتركا في دفع ما ليس لهما دفعه وقبض ما ليس لهما قبضه، وكلاهما عاص لله، فكيف يخص أحدهما بأن يجمع له بين العوض والمعوض عنه، ويفوت على الآخر العوض والمعوض؟

فإن قيل: هو فوت المنفعة على نفسه باختياره.

قيل: والآخر فوت العوض على نفسه باختياره، فلا فرق بينهما، وهذا واضح بحمد الله.

وقد توقف شيخنا في وجوب رد عوض هذه المنفعة المحرمة على باذله والصدقة به، في كتاب [اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم] ، وقال: الزاني ومستمع الغناء والنوح قد بذلوا هذا المال عن طيب نفوسهم، فاستوفوا العوض المحرم، والتحريم الذي فيه ليس لحقهم، وإنما هو لحق الله تعالى، وقد فاتت هذه المنفعة بالقبض، والأصول تقتضي أنه إذا رد أحد العوضين رد الآخر، فإذا تعذر على المستأجر رد المنفعة لم يرد عليه المال، وهذا الذي استوفيت منفعته عليه ضرر في أخذ منفعته وأخذ عوضها جميعا منه، بخلاف ما إذا كان العوض خمرا أو ميتة، فإن تلك لا ضرر عليه في فواتها، فإنها لو كانت باقية لأتلفناها عليه، ومنفعة الغناء والنوح لو لم تفت لتوفرت عليه، بحيث

<<  <  ج: ص:  >  >>