الثالث: أن جمعها والإبقاء عليها والحال ما ذكر، فيه تحميل لبيت المال للإنفاق عليها وتوظيف عمال يقومون بذلك، وفي ذلك مضرة حيث إن النفقة عليها من بيت المال أو غيره خسارة محضة وجهود ضائعة ليس لها مقابل في تحقيق أي مصلحة حاضرة ولا منتظرة، ومما لا شك فيه أن بيت المال مرصود لمصالح المسلمين في الحاضر والمستقبل، وأنه لا يجوز الصرف منه فيما لا فائدة للمسلمين منه.
الرابع: جواز ذبح المأكول لحمه مما تعافه الأنفس في الغالب لمرضه أو كبره أو نحو ذلك لإراحته أو الخلاص من مشقة النفقة عليه ورعايته، فإذا جاز ذبح ذلك لغير الأكل فقد لا يكون فارق مؤثر بينه وبين ما لا يؤكل لحمه مما لا فائدة في بقائه إذا كان في ذبحه جلب مصلحة أو دفع مضرة.
الخامس: ما جاءت به النصوص وقال به أهل العلم من جواز قتل ما منه الأذى؛ كالفواسق الخمس والهر المؤذي وغير ذلك من الحيوانات والحشرات المؤذية، ومن ذلك ما ذكره العلامة ابن مفلح في كتابه [الآداب الشرعية] حول حكم قتل الكلاب المؤذية، حيث قال: على قولنا يمنع لها أنها إذا آذت بكثرة نجاستها وأكلها ما غفل عنه الناس جاز قتلها. اهـ.
وما ورد من النهي عن قتل الكلاب والثناء على من يسقيها إذا عطشت وذم من يحبسها أو يؤذيها فذلك فيما لا يؤذي من الحيوانات. وما ورد أيضا من النهي عن اتخاذ الحيوانات غرضا، فذلك من أجل قتلها صبرا وهو في غير الحيوانات المؤذية بدليل الأمر بقتل ما يؤذي منها كالخمس الفواسق وغيرها.