عاقلة الآخر في قول أصحابنا الثلاثة رحمهم الله، وعند زفر رحمه الله على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر، وهو قول الشافعي رحمه الله (وجه) قول زفر أن كل واحد منهما مات بفعلين: فعل نفسه وفعل صاحبه، وهو صدمة صاحبه وصدمة نفسه، فيهدر ما حصل بفعل نفسه ويعتبر ما حصل بفعل صاحبه، فيلزم أن يكون على عاقلة كل واحد منهما نصف دية الآخر، كما لو جرح نفسه وجرحه أجنبي فمات، أن على الأجنبي نصف الدية لما قلنا، كذا هذا.
(ولنا) ما روي عن سيدنا علي رضي الله عنه أنه قال مثل مذهبنا، ولأن كل واحد منهما مات من صدم صاحبه إياه فيضمن صاحبه، كمن بنى حائطا في الطريق فصدم رجلا فمات، أن الدية على صاحب الحائط كذا هذا. وبه تبين أن صدمه نفسه مع صدم صاحبه إياه فيه غير معتبر، إذ لو اعتبر لما لزم باني الحائط على الطريق جميع الدية؛ لأن الرجل قد مشى إليه وصدمه، وكذلك حافر البئر يلزمه جميع الدية وإن كان الماشي قد مشى إليها. رجلان مدا حبلا حتى انقطع فسقط كل واحد منهما، فإن سقطا على ظهريهما فماتا فلا ضمان فيه أصلا؛ لأن كل واحد منهما لم يمت من فعل صاحبه، إذ لو مات من فعل صاحبه لخر على وجهه، فلما سقط على قفاه علم أنه سقط بفعل نفسه، وهو مده فقد مات كل واحد منهما من فعل نفسه فلا ضمان على أحد، وإن سقطا على وجهيهما فماتا فدية كل واحد منهما على عاقلة الآخر؛ لأنه لما خر على وجهه علم أنه مات من جذبه، وإن سقط أحدهما على ظهره والآخر على وجهه فماتا جميعا فدية الذي سقط على وجهه على عاقلة الآخر؛ لأنه مات بفعله وهو جذبه، ودية الذي سقط