جرح إنسان نفسه وجرحه غيره فمات منهما، ولنا أن كل واحد منهما مات من صدمة صاحبه وإنما هو قربها إلى محل الجناية فلزم الآخر ضمانها، كما لو كانت واقفة بخلاف الجراحة.
إذا ثبت هذا فإن قيمة الدابتين إن تساوتا تقاصا وسقطتا، وإن كانت إحداهما أكثر من الأخرى فلصاحبها الزيادة، وإن ماتت إحدى الدابتين فعلى الآخر قيمتها وإن نقصت فعليه نقصها.
(فصل) : فإن كان أحدهما يسير بين يدي الآخر فأدركه الثاني فصدمه فماتت الدابتان أو إحداهما فالضمان على اللاحق؛ لأنه الصادم والآخر مصدوم فهو بمنزلة الواقف.
(مسألة) : قال: (وإن كان أحدهما يسير والآخر واقفا فعلى السائر قيمة دابة الواقف) نص أحمد على هذا؛ لأن السائر هو الصادم المتلف فكان الضمان عليه، وإن مات هو أو دابته فهو هدر؛ لأنه أتلف نفسه ودابته، وإن انحرف الواقف فصادفت الصدمة انحرافه فهما كالسائرين؛ لأن التلف حصل من فعلهما، وإن كان الواقف متعديا بوقوفه مثل أن يقف في طريق ضيق فالضمان عليه دون السائر؛ لأن التلف حصل بتعديه فكان الضمان عليه، كما لو وضع حجرا في الطريق أو جلس في طريق ضيق فعثر به إنسان.
(مسألة) : قال: (وإن تصادم نفسان يمشيان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر) روي هذا عن علي رضي الله عنه والخلاف فيها في الضمان، كما الخلاف فيما إذا اصطدم الفارسان إلا أنه لا تقاص هاهنا في الضمان؛ لأنه على غير من له الحق لكون الضمان على عاقلة كل واحد