لكونه مشتركا بين كل الناس، فقلنا بالإباحة مقيدا بما ذكرنا ليعتدل النظر من الجانبين، ثم إنما يتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه، ولم يتقيد بها فيما لا يمكن الاحتراز عنه؛ لما فيه من المنع من التصرف وسد بابه وهو مفتوح والاحتراز عن الإبطاء وما يضاهيه ممكن، فإنه ليس من ضرورات التسيير فقيدناه بشرط السلامة عنه، والنفحة بالرجل والذنب ليس يمكنه الاحتراز عنه مع السير على الدابة فلم يتقيد به (فإن أوقفها في الطريق ضمن النفحة أيضا) ؛ لأنه يمكنه التحرز عن الإيقاف، وإن لم يمكنه عن النفحة فصار متعديا في الإيقاف وشغل به فيضمنه.
قال:(وإن أصابت بيدها أو برجلها، حصاة أو نواة أو أثارت غبارا أو حجرا صغيرا ففقأ عين إنسان أو أفسد ثوبه لم يضمن، وإن كان حجرا كبيرا ضمن) ؛ لأنه في الوجه الأول لا يمكن التحرز عنه، إذ سير الدواب لا يعرى عنه- وفي الثاني ممكن؛ لأنه ينفك عن السير عادة وإنما ذلك عن تعنيف الراكب، والرديف فيما ذكرنا كالراكب؛ لأن المعنى لا يختلف، قال:(فإن راثت أو بالت في الطريق وهي تسير فعطب به إنسان لم يضمن) ؛ لأنه من ضرورات السير فلا يمكن الاحتراز عنه، (وكذا إن أوقفها لذلك) ؛ لأن من الدواب ما لا يفعل ذلك إلا بالإيقاف، وإن أوقفها لغير ذلك فعطب إنسان بروثها أو بولها ضمن؛ لأنه متعد بهذا الإيقاف؛ لأنه ليس من ضرورات السير، ثم هو أكثر ضررا بالمارة من السير؛ لأنه أدوم مدة، فلا يلحق به (والسائق ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها والقائد ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها) . والمراد: النفحة قال رضي الله عنه: هكذا ذكره القدوري في [المختصر] ، وإليه مال بعض المشايخ، ووجهه أن