ذبحه له، فاختلفت الرواية فيه عن أحمد فروي عنه أنه يحبس حتى يموت. وهذا قول عطاء وربيعة، وروي ذلك عن علي، وروي عن أحمد أنه يقتل أيضا. وهو قول مالك. قال سليمان بن أبي موسى: الاجتماع فينا أن يقتل؛ لأنه لو لم يمسكه ما قدر على قتله وبإمساكه تمكن من قتله، فالقتل حاصل بفعلهما فيكونان شريكين فيه فيجب عليهما القصاص كما لو جرحاه، وقال أبو حنيفة والشافعي وأبو ثور وابن المنذر: يعاقب ويأثم ولا يقتل، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أعتى الناس على الله من قتل غير قاتله (١) » ، والممسك غير قاتل، ولأن الإمساك سبب غير ملجئ، فإذا اجتمعت معه المباشرة كان الضمان على المباشر كما لو لم يعلم الممسك أنه يقتله.
ولنا ما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا أمسك الرجل الرجل وقتله الآخر يقتل الذي قتل ويحبس الذي أمسك» ، ولأنه حبسه إلى الموت فيحبس الآخر إلى الموت كما لو حبسه عن الطعام والشراب حتى مات فإننا نفعل به ذلك حتى يموت.
(فصل) وإن اتبع رجلا ليقتله فهرب منه فأدركه آخر فقطع رجله ثم أدركه الثاني فقتله نظرت، فإن كان قصد الأول حبسه بالقطع ليقتله الثاني فعليه القصاص في القطع وحكمه في القصاص في النفس حكم الممسك؛ لأنه حبسه على القتل، وإن لم يقصد حبسه فعليه القطع دون القتل كالذي أمسكه غير عالم، ومنه وجه آخر ليس عليه إلا القطع بكل حال، والأول أصح؛ لأنه الحابس له بفعله فأشبه الحابس بإمساكه، فإن قيل: لم اعتبرتم قصد الإمساك هاهنا وأنتم لا تعتبرون إرادة القتل في الخارج؟
قلنا: إذا مات من الجرح فقد مات من سرايته وأثره فنعتبر قصد الجرح