للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك حجة على المخالف؛ لأن الأول يدل على التحريم، والآخر يدل على الكراهة، وهو لا يقول بشيء من ذلك.

وقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (١) أي: دفعتان، ألا ترى أن من أعطى آخر درهمين، لم يجز أن يقول أعطاه مرتين حتى يعطيه دفعتين.

وجه الاستدلال: أن هذا إن كان ظاهره الخبر، فإن معناه: الأمر؛ لأن الحمل على ظاهره يؤدي إلى الخلف في خبر من لا يحتمل خبره الخلف، لأن الطلاق على سبيل الجمع قد يوجد، وقد يخرج اللفظ مخرج الخبر على إرادة الأمر، قال الله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} (٢) أي: ليرضعن، ونحو ذلك، كذا هذا، فصار كأنه سبحانه وتعالى قال: طلقوهن مرتين إذا أردتم الطلاق، والأمر بالتفريق نهي عن الجمع؛ لأنه ضده، فيدل على كون الجمع حراما أو مكروها على ما بينا.

فإن قيل: هذه الآية حجة عليكم؛ لأنه ذكر جنس الطلاق، وجنس الطلاق ثلاث، والثلاث إذا وقع دفعتين، كان الواقع في دفعة طلقتان، فيدل على كون الطلقتين في دفعة مسنونتين.

فالجواب: أن هذا أمر بتفريق الطلاقين من الثلاث، لا بتفريق الثلاث؛ لأنه أمر بالرجعة عقب الطلاق مرتين- أي: دفعتين- بقوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} (٣) أي: وهو الرجعة، وتفريق الطلاق- وهو إيقاعه


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٢) سورة البقرة الآية ٢٣٣
(٣) سورة البقرة الآية ٢٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>