هذه طامة أخرى، طامة التلاعب بآيات القرآن، وتحريفها عن مواضعها، وتأويل لها بما لا تدل عليه في لغة العرب، بل بما تمجه العقول السليمة ويسخر منه أولو الألباب.
ذكر عمر بن سعيد الفوتي: أن الشيخ أحمد التجاني قال ذات ليلة في مجلسه (١) : (أين السيد محمد الغالي؟ فجعل أصحابه ينادون أين السيد محمد الغالي؟ على عادة الناس مع الكبير إذا نادى أحدا، فلما حضر بين يدي الشيخ قال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى. وقال سيدي محمد الغالي - وكان لا يخافه؛ لأنه من أكابر أحبابه وأمرائهم -: يا سيدي، أنت في الصحو والبقاء أو في السكر والفناء؟ فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: أنا في الصحو والبقاء وكمال العقل ولله الحمد. وقال: قلت: ما تقول بقول سيدي عبد القادر رضي الله عنه: قدمي هذه على رقبة كل ولي لله تعالى؟ فقال: صدق رضي الله عنه، يعني: أهل عصره، وأما أنا فأقول: قدماي هاتان على رقبة كل ولي لله تعالى من لدن آدم إلى النفخ في الصور. قال: فقلت له: يا سيدي، فكيف تقول إذا قال أحد بعدك مثل ما قلت؟ فقال رضي الله عنه وأرضاه وعنا به: لا يقول أحد بعدي، قال: فقلت: يا سيدي، قد حجرت على الله تعالى واسعا ألم يكن الله تعالى قادرا على أن يفتح على ولي فيعطيه من الفيوضات والتجليات والمنح والمقامات والمعارف والعلوم والأسرار والترقيات والأحوال أكثر مما أعطاك؟ فقال رضي الله