للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرارة الفراق فالظاهر أنها تتأدب وتتوب وتعود إلى الموافقة والصلاح، والتخليص يحصل بالثلاث في ثلاثة أطهار، والثابت بالرخصة يكون ثابتا بطريق الضرورة، وحق الضرورة صار مقضيا بما ذكرنا فلا ضرورة إلى الجمع بين الثلاث في طهر واحد، فبقي ذلك على أصل الحظر. والثالث: أنه إذا طلقها ثلاثا في طهر واحد فربما يلحقه الندم، وقال الله تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (١) قيل في التفسير: أي: ندامة على ما سبق من فعله، أو رغبة فيها، ولا يمكنه التدارك بالنكاح فيقع في السفاح، فكان في الجمع احتمال الوقوع في الحرام، وليس في الامتناع ذلك، والتحرز عن مثله واجب شرعا وعقلا، بخلاف الطلقة الواحدة؛ لأنها لا تمنع التدارك بالرجعة، وبخلاف الثلاث في ثلاثة أطهار؛ لأن ذلك لا يعقب الندم ظاهرا؛ لأنه يجرب نفسه في الأطهار الثلاثة فلا يلحقه الندم. انتهى المقصود.

وقال السرخسي: وعلى هذا الأصل- أي: توجيه إيقاع الثلاث في ثلاثة أطهار - قال علماؤنا رحمهم الله: إيقاع الثلاث جملة بدعة.

وبعد أن ساق مذهب الشافعي في إباحته وأدلته (٢) ، ساق الدليل على تحريمه، وهو قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٣) قال: معناه: دفعتان، كقوله: أعطيته مرتين، وضربته مرتين، والألف واللام للجنس، فيقتضي


(١) سورة الطلاق الآية ١
(٢) [المبسوط] (٦\٤) وما بعدها، ويرجع أيضا إلى [فتح القدير] ، (٣\ ٢٦) وما بعدها.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٢٩

<<  <  ج: ص:  >  >>