النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن. انتهى، وفي بعض نسخه باب السفر بدون ذكر الكراهة، وقد اعتمد في الكراهة على لفظ رواية محمد بن بشر عن عبيد الله بن عمر، وقد عرفت من كلام البرقاني أن المشهور لفظ النهي على أن لفظ الكراهة يحتمل التحريم أيضا، وقال ابن عبد البر: أجمع الفقهاء: أن لا يسافر بالقرآن إلى أرض العدو في السرايا، والعسكر الصغير المخوف عليه.
واختلفوا في جواز ذلك في العسكر الكبير المأمون عليه، فلم يفرق مالك بين الصغير والكبير، وقال أبو حنيفة: لا بأس في السفر بالعسكر العظيم.
وقال النووي في [شرح مسلم] ،: إن أمنت العلة بأن يدخل في جيش المسلمين الظاهر عليهم فلا كراهة ولا منع حينئذ؛ لعدم العلة هذا هو الصحيح، وبه قال أبو حنيفة والبخاري وآخرون، وقال مالك وجماعة من أصحابنا بالنهي مطلقا، وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة الجواز مطلقا، والصحيح عنه ما سبق. انتهى.
وقول البخاري رحمه الله:(قد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أرض العدو وهم يعلمون القرآن) إن قصد به معارضة النهي عن ذلك فلا تعارض بينهما؛ لأن النهي عن ذلك في المصحف؛ لئلا يتمكنوا منه فينتهكوا حرمته، وليس آدميا يمكنه الدفع عن نفسه بخلاف ما في صدور المؤمنين من القرآن، فإنهم عند العجز عن المدافعة عن أنفسهم لا يعد المهين لهم مهينا للمصحف؛ لأن الذي في صدورهم أمر معنوي والذي في المصحف مشاهد محسوس -والله أعلم.