للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاهرتين (١) » ، وعلى الرابع: الإجماع على أن الشيء الذي ليس عليه نجاسة حسية ولا حكمية يسمى طاهرا، وقد ورد إطلاق ذلك في كثير فمن أجاز حمل المشترك على جميع معانيه حمله عليها هنا. والمسألة مدونة في الأصول وفيها مذاهب: والذي يترجح أن المشترك مجمل فيها فلا يعمل به حتى يبين، وقد وقع الإجماع على أنه لا يجوز للمحدث حدثا أكبر أن يمس المصحف، وخالف في ذلك داود.

(استدل المانعون للجنب) بقوله تعالى: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (٢) وهو لا يتم إلا بعد جعل الضمير راجعا إلى القرآن، والظاهر رجوعه إلى الكتاب، وهو اللوح المحفوظ؛ لأنه الأقرب، والمطهرون: الملائكة، ولو سلم عدم الظهور فلا أقل من الاحتمال فيمتنع العمل بأحد الأمرين، ويتوجه الرجوع إلى البراءة الأصلية، ولو سلم رجوعه إلى القرآن على التعيين لكانت دلالته على المطلوب -وهو منع الجنب من مسه- غير مسلمة؛ لأن المطهر من ليس بنجس والمؤمن ليس بنجس دائما؛ لحديث «المؤمن لا ينجس (٣) » وهو متفق عليه، فلا يصح حمل المطهر على من ليس بجنب أو حائض أو محدث أو متنجس بنجاسة عينية، بل يتعين حمله على من ليس بمشرك، كما هو في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} (٤) لهذا الحديث، وحديث النهي عن السفر


(١) رواه البخاري في باب إذا أدخل رجليه، وهما طاهرتان في المسح على الخفين، ورواه مسلم في المسح على الرأس والخفين، ورواه غيرهما.
(٢) سورة الواقعة الآية ٧٩
(٣) صحيح البخاري الغسل (٢٨٥) ، صحيح مسلم الحيض (٣٧١) ، سنن الترمذي الطهارة (١٢١) ، سنن النسائي الطهارة (٢٦٩) ، سنن أبو داود الطهارة (٢٣١) ، سنن ابن ماجه الطهارة وسننها (٥٣٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢٣٥) .
(٤) سورة التوبة الآية ٢٨

<<  <  ج: ص:  >  >>