مصلحة توجب حله أو وجوبه، فنفس التذرع إلى المحرمات بالاحتيال أولى أن يكون حراما، وأولى بإبطال ما يمكن إبطاله منه إذا عرف قصد فاعله، وأولى بأن لا يعان صاحبه عليه، وهذا بين لمن تأمله. والله الهادي إلى سواء الصراط.
وقد اتبع ابن القيم شيخه ابن تيمية رحمهما الله في إثبات قاعدة سد الذرائع بأدلة الاستقراء من الكتاب والسنة، فقال رحمه الله.
"
فصل
" (١)
في سد الذرائع
لما كانت المقاصد لا يتوصل إليها إلا بأسباب وطرق تفضي إليها كانت طرقها وأسبابها تابعة لها معتبرة بها، فوسائل المحرمات والمعاصي في كراهتها والمنع منها بحسب إفضائها إلى غاياتها وارتباطاتها بها.
ووسائل الطاعات والقربات في محبتها والإذن فيها بحسب إفضائها إلى غاياتها، فوسيلة المقصود تابعة للمقصود، وكلاهما مقصود قصد الوسائل، فإذا حرم الرب تعالى شيئا وله طرق ووسائل تفضي إليه فإنه يحرمها ويمنع منها؛ تحقيقا لتحريمه وتثبيتا له، ومنعا أن يقرب حماه. ولو أباح الوسائل والذرائع المفضية إليه لكان ذلك نقضا للتحريم وإغراء للنفوس به.
وحكمته تعالى وعلمه يأبى ذلك كل الإباء، بل سياسته ملوك الدنيا تأبى ذلك، فإن أحدهم إذا منع جنده أو رعيته أو أهل بيته من شيء ثم