للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثامن: ما رواه حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه (١) » متفق عليه. ولفظ البخاري: «إن من أكبر الكبائر: أن يلعن الرجل والديه، قيل: يا رسول الله، كيف يلعن الرجل والديه؟! قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه (٢) » ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجل سابا لاعنا لأبويه بتسببه إلى ذلك وتوسله إليه وإن لم يقصده.

الوجه التاسع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يكف عن قتل المنافقين - مع كونه مصلحة - لئلا يكون ذريعة إلى تنفير الناس عنه، وقولهم: إن محمدا يقتل أصحابه، فإن هذا القول يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه ومن لم يدخل فيه، ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتلهم ومصلحة التأليف أعظم من مصلحة القتل.

الوجه العاشر: أن الله تعالى حرم الخمر؛ لما فيها من المفاسد الكثيرة المترتبة على زوال العقل، وهذا ليس مما نحن فيه. لكن حرم القطرة الواحدة منها. وحرم إمساكها للتخليل ونجسها، لئلا تتخذ القطرة ذريعة إلى الحسوة، ويتخذ إمساكها للتخليل ذريعة إلى إمساكها للشرب. ثم بالغ في سد الذريعة فنهى عن الخليطين وعن شرب العصير بعد ثلاث. وعن الانتباذ في الأوعية التي قد يتخمر النبيذ فيها ولا يعلم به؛ حسما لمادة قربان المسكر، وقد صرح - صلى الله عليه وسلم - بالعلة في تحريم القليل، فقال: «لو رخصت لكم في هذه لأوشك أن تجعلوها مثل هذه» .


(١) صحيح البخاري الأدب (٥٩٧٣) ، صحيح مسلم الإيمان (٩٠) ، سنن الترمذي البر والصلة (١٩٠٢) ، سنن أبو داود الأدب (٥١٤١) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢١٦) .
(٢) صحيح البخاري الأدب (٥٩٧٣) ، صحيح مسلم الإيمان (٩٠) ، سنن الترمذي البر والصلة (١٩٠٢) ، سنن أبو داود الأدب (٥١٤١) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٢١٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>