للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد تضمنت هذه الأحاديث إثبات الأسباب والمسببات، وإبطال قول من أنكرها، ويجوز أن يكون قوله: «لكل داء دواء (١) » على عمومه حتى يتناول الأدواء القاتلة والأدواء التي لا يمكن لطبيب أن يبرئها، ويكون الله عز وجل قد جعل لها أدوية تبرئها، ولكن طوى علمها عن البشر ولم يجعل لهم إليه سبيلا؛ لأنه لا علم للخلق إلا ما علمهم الله، ولهذا علق النبي - صلى الله عليه وسلم - الشفاء على مصادفة الدواء للداء، فإنه لا شيء من المخلوقات إلا له ضد، وكل داء له ضد، من الدواء به يعالج. فعلق النبي - صلى الله عليه وسلم - البرء بموافقة الداء للدواء، وهذا قدر زائد على مجرد وجوده، فإن الدواء متى جاوز درجة الداء في الكيفية أو زاد في الكمية على ما ينبغي نقله إلى داء آخر، ومتى قصر عنها لم يف بمقاومته، وكان العلاج قاصرا ومتى لم يقع المداوي على الدواء (٢) لم يحصل الشفاء، ومتى لم يكن الزمان صالحا لذلك الدواء لم ينفع، ومتى كان البدن غير قابل له أو القوة عاجزة عن حمله أو ثم مانع يمنع من تأثيره لم يحصل البرء، لعدم المصادفة، ومتى تمت المصادفة، حصل البرء بإذن الله ولا بد، وهذا أحسن المحملين في الحديث. والثاني: أن يكون من العام المراد به الخاص لا سيما والداخل في اللفظ أضعاف أضعاف الخارج منه، وهذا يستعمل في كل لسان، ويكون المراد أن الله لم يضع داء يقبل الدواء إلا وضع له دواء، فلا يدخل في هذا الأدواء التي لا تقبل الدواء، وهذا كقوله تعالى


(١) صحيح مسلم السلام (٢٢٠٤) ، مسند أحمد بن حنبل (٣/٣٣٥) .
(٢) أو لم يقع الدواء على الداء.

<<  <  ج: ص:  >  >>