للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم تقبله فكيف يكون مقبولا منك في دفع حقوق الله عليك؟

وقال أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله (١) : ولنقدم قبل الشروع في المطلوب (مقدمة كلامية) مسلمة في هذا الموضع:

وهي أن وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد في العاجل والآجل معا، وهذه دعوى لا بد من إقامة البرهان عليها صحة أو فسادا. وليس هذا موضع ذلك. وقد وقع الخلاف فيها في علم الكلام، وزعم الرازي: أن أحكام الله ليست معللة بعلة البتة، كما أن أفعاله كذلك، وأن المعتزلة اتفقت على أن أحكامه تعالى معللة برعاية مصالح العباد، وأنه اختيار أكثر الفقهاء المتأخرين. ولما اضطر في علم أصول الفقه إلى إثبات العلل للأحكام الشرعية أثبت ذلك على أن العلل بمعنى: العلامات المعرفة للأحكام خاصة، ولا حاجة إلى تحقيق الأمر في هذه المسألة. والمعتمد إنما هو أنا استقرينا من الشريعة أنها وضعت لمصالح العباد استقراء لا ينازع فيه الرازي ولا غيره، فإن الله تعالى يقول في بعثه الرسل وهو الأصل: {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} (٢) ، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٣) وقال في أصل الخلقة: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (٤) ، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (٥)


(١) [الموافقات] (٢\٦، ٧) .
(٢) سورة النساء الآية ١٦٥
(٣) سورة الأنبياء الآية ١٠٧
(٤) سورة هود الآية ٧
(٥) سورة الذاريات الآية ٥٦

<<  <  ج: ص:  >  >>