للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنحن نقطع بأن الأمر مستمر في جميع تفاصيل الشريعة. ومن هذه الجملة ثبت القياس والاجتهاد فلنجر على مقتضاه، ويبقى البحث في كون ذلك واجبا أو غير واجب موكولا إلى علمه.

وقال القرطبي رحمه الله (١) : واختلف العلماء في حقيقة التوكل: فسئل عنه سهل بن عبد الله، فقال: قال فرقة: الرضا بالضمان وقطع الطمع من المخلوقين. وقال قوم: التوكل: ترك الأسباب والركون إلى مسبب الأسباب. فإذا شغله السبب عن المسبب زال عنه اسم التوكل. قال سهل: من قال: إن التوكل يكون بترك السبب فقد طعن في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن الله عز وجل يقول: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} (٢) فالغنيمة: اكتساب. وقال تعالى: {فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} (٣) فهذا عمل. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب العبد المحترف (٤) » .

وكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرضون على السرية.

وقال غيره: وهذا قول عامة الفقهاء، وأن التوكل على الله هو الثقة بالله والإيقان بأن قضاءه ماض، واتباع سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - في السعي فيما لا بد منه من الأسباب من مطعم ومشرب، وتحرز من عدو، وإعداد الأسلحة


(١) [تفسير القرطبي] (٤\ ١٨٩، ١٩٠) .
(٢) سورة الأنفال الآية ٦٩
(٣) سورة الأنفال الآية ١٢
(٤) ذكر السيوطي في [الجامع الصغير] : أن هذا الحديث رواه الطبراني في [الكبير] والبيهقي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - ورمز له برموز الضعف.

<<  <  ج: ص:  >  >>