سألت أحمد بن حنبل عن مخرمة بن بكير، فقال: هو ثقة ولم يسمع من أبيه، وإنما هو كتاب مخرمة، فنظر فيه كل شيء يقول:(بلغني عن سليمان بن يسار) فهو من كتاب مخرمة. وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: مخرمة بن بكير وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمعه، وقال في رواية عباس الدوري: هو ضعيف، وحديثه عن أبيه كتاب ولم يسمعه منه، وقال أبو داود: لم يسمع من أبيه إلا حديثا واحدا حديث الوتر. وقال سعيد بن أبي مريم، عن خاله موسى بن سلمة: أتيت مخرمة فقلت: حدثك أبوك؟ فقال: لم أدرك أبي، ولكن هذه كتبه.
والجواب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أن كتاب أبيه كان عنده محفوظ مضبوط، فلا فرق في قيام الحجة بالحديث بين ما حدثه به، أو رآه في كتابه، بل الأخذ عن النسخة أحوط، إذا تيقن الراوي أنها نسخة الشيخ بعينها.
وهذه طريقة الصحابة والسلف، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث بكتبه إلى الملوك، وتقوم عليهم بها الحجة، وكتب كتبه إلى عماله في بلاد الإسلام فعملوا بها، واحتجوا بها، ودفع الصديق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة إلى أنس بن مالك فحمله، وعملت به الأمة. وكذلك كتابه إلى عمرو بن حزم في الصدقات الذي كان عند آل عمرو، ولم يزل السلف والخلف يحتجون بكتاب بعضهم إلى بعض، ويقول المكتوب إليه: كتب إلي فلان: أن فلانا أخبره.
ولو بطل الاحتجاج بالكتب لم يبق بأيدي الأمة إلا أيسر اليسير، فإن الاعتماد إنما هو على النسخ لا على الحفظ، والحفظ خوان، والنسخة ولا