قلتان فصاعدا، فإنه إن بقي ما دون القلتين قبل زوال تغيره لم يبق التغير علة تنجيسه؛ لأنه تنجس بدونه، فلا يزول التنجيس بزواله؛ ولذلك طهر الكثير بالنزح وطول المكث ولم يطهر القليل، فإن الكثير لما كانت علة تنجيسه التغير زال تنجيسه بزوال علته، كالخمرة إذا انقلبت خلا والقليل علة تنجيسه الملاقاة لا التغير فلم يؤثر زوال التنجيس، انتهى.
ولشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - كلام في قاعدة التطهير للمياه وعدم الفرق بين المياه والمائع. والجواب على شبهة من فرق بينهما - قال:
إذا عرف أصل هذه المسألة فالحكم إذا ثبت لعلة زال بزوالها كالخمر لما كان الموجب لتحريمها ونجاستها هي الشدة فإذا زالت بفعل الله تعالى طهرت بخلاف ما إذا زالت بقصد الآدمي على الصحيح، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا تأكلوا خل خمر إلا خمرا بدأ الله بفسادها، ولا جناح على مسلم أن يشتري من خل خمر من أهل الذمة إذا لم يعلم أنهم تعمدوا إفسادها؛ وذلك لأن اقتناء الخمر محرم، فمتى قصد باقتنائها التخليل كان قد فعل محرما، والفعل المحرم لا يكون سببا للحل والإباحة.
وأما إذا اقتناها لشربها واستعمالها خمرا فهو لا يريد تخليلها، وإذا جعلها الله خلا كان معاقبة له بنقيض قصده فلا يكون في حلها وطهارتها مفسدة.