وجوبها عنه كالصغير والمجنون، وقال القاضي: متى أخذها الإمام أجزأت من غير نية، سواء أخذها طوعا أو كرها، وهذا قول للشافعي؛ لأن أخذ الإمام بمنزلة القسم بين الشركاء، فلم يحتج إلى نية، ولأن للإمام ولاية في أخذها، ولذلك يأخذها من الممتنع اتفاقا ولو لم يجزئه لما أخذها أو لأخذها ثانيا وثالثا حتى ينفد ماله؛ لأن أخذها إن كان لإجزائها فلا يحصل الإجزاء بدون النية، وإن كان لوجوبها فالوجوب باق بعد أخذها.
واختار أبو الخطاب وابن عقيل: أنها لا تجزئ فيما بينه وبين الله تعالى إلا بنية رب المال؛ لأن الإمام إما وكيله وإما وكيل الفقراء، أو وكيلهما معا، وأي ذلك كان فلا تجزئ نيته عن نية رب المال، ولأن الزكاة عبادة تجب لها النية فلا تجزئ عمن وجبت عليه بغير نية إن كان من أهل النية كالصلاة، وإنما أخذت منه مع عدم الإجزاء حراسة للعلم الظاهر كالصلاة، يجبر عليها ليأتي بصورتها ولو صلى بغير نية لم تجزئه عند الله تعالى.
قال ابن عقيل: ومعنى قول الفقهاء: يجزئ عنه: أي في الظاهر، بمعنى: أنه لا يطالب بأدائها ثانيا كما قلنا في الإسلام، فإن المرتد يطالب بالشهادة، فمتى أتى بها حكم بإسلامه ظاهرا، ومتى لم يكن معتقدا صحة ما يلفظ به لم يصح إسلامه باطنا.
قال: وقول أصحابنا لا تقبل توبة الزنديق معناه لا يسقط عنه القتل الذي توجه (١) عليه؛ لعدم علمنا بحقيقة توبته؛ لأن أكثر ما فيه أنه أظهر إيمانه وقد كان دهره يظهر إيمانه ويستر كفره، فأما عند الله عز وجل فإنها