الخيانة، ثم ربما لا يصل إلى المستحق الذي قد علمه المالك من أهله وجيرانه شيء منها وهم أحق الناس بصلته وصدقته ومواساته. وقولهم: إن أخذ الإمام يبرئه ظاهرا وباطنا، قلنا: يبطل هذا بدفعها إلى غير العادل، فإنه يبرئه أيضا، وقد سلموا أنه ليس بأفضل ثم إن البراءة الظاهرة تكفي، وقولهم: إنه تزول به التهمة، قلنا: متى أظهرها زالت التهمة، سواء أخرجها بنفسه أو دفعها للإمام، ولا يختلف المذهب إن دفعها إلى الإمام، سواء كان عادلا أو غير عادل، وسواء كانت من الأموال الظاهرة أو الباطنة، ويبرأ بدفعها، سواء تلفت في يد الإمام أو لم تتلف، أو صرفها في مصارفها، أو لم يصرفها لما ذكرنا عن الصحابة رضي الله عنهم، ولأن الإمام نائب عنهم شرعا فبرئ بدفعها إليه كولي اليتيم إذا قبضها له، ولا يختلف المذهب أيضا في أن صاحب المال يجوز أن يفرقها بنفسه.
(فصل) إذا أخذ الخوارج والبغاة الزكاة أجزأت عن صاحبها، وحكى ابن المنذر عن أحمد والشافعي وأبي ثور في الخوارج: أنه يجزئ، وكذلك كل من أخذها من السلاطين أجزأت عن صاحبها، سواء عدل فيها أو جار وسواء أخذها قهرا أو دفعها إليه اختيارا، قال أبو صالح: سألت سعد بن أبي وقاص وابن عمر وجابرا وأبا سعيد الخدري وأبا هريرة: فقلت: هذا السلطان يصنع ما ترون أفأدفع إليهم زكاتي؟ فقالوا كلهم: نعم. وقال إبراهيم: يجزئ عنك ما أخذ منك العشارون، وعن سلمة بن الأكوع أنه دفع صدقته إلى نجدة، وعن ابن عمر أنه سئل عن مصدق ابن الزبير ومصدق نجدة فقال: إلى أيهما دفعت أجزأ عنك،