مع عدم القبض، وتجب في المدفون في البيت، فثبت أن الزكاة وظيفة الملك، والملك موجود، فتجب الزكاة فيه، إلا أنه لا يخاطب بالأداء للحال؛ لعجزه عن الأداء لبعد يده عنه، وهذا لا ينفي الوجوب كما في ابن السبيل.
ولنا ما روي عن علي رضي الله عنه موقوفا عليه، ومرفوعا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«لا زكاة في مال الضمار» ، وهو المال الذي لا ينتفع به مع قيام الملك - مأخوذ من البعير الضامر الذي لا ينتفع به لشدة هزاله مع كونه حيا- وهذه الأموال غير منتفع بها في حق المالك لعدم وصول يده إليها؛ فكانت ضمارا، ولأن المال إذا لم يكن مقدور الانتفاع به في حق المالك لا يكون المالك به غنيا، ولا زكاة على غير الغني بالحديث الذي روينا، ومال ابن السبيل مقدور الانتفاع به في حقه بيد نائبه، وكذا المدفون في البيت؛ لأنه يمكنه الوصول إليه بالنبش، بخلاف المفازة؛ لأن نبش كل الصحراء غير مقدور له، وكذا الدين المقر به إذا كان المقر مليا فهو ممكن الوصول إليه، وأما الدين المجحود فإن لم يكن له بينة فهو على الاختلاف، وإن كان له بينة اختلف المشايخ فيه.
قال بعضهم: تجب الزكاة فيه؟ لأنه يمكن الوصول إليه بالبينة، فإذا لم يقم البينة فقد ضيع القدرة فلم يعذر.
وقال بعضهم: لا تجب؛ لأن الشاهد قد يفسق إلا إذا كان القاضي عالما بالدين؛ لأنه يقضي بعلمه فكان مقدور الانتفاع به، وإن كان المديون يقر في السر ويجحد في العلانية فلا زكاة فيه، كذا روي عن أبي يوسف؛ لأنه لا ينتفع بإقراره في السر، فكان بمنزلة الجاحد سرا