للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر القاضي في شرحه [مختصر الطحاوي] : أن هذا مذهبه في الأموال الباطنة من الذهب والفضة، وأموال التجارة.

ووجه هذا القول ظاهر؛ لأن الأموال الباطنة لا يطالب الإمام بزكاتها، فلم يكن لزكاتها مطالب من جهة العباد، سواء كانت في العين أو في الذمة، فلا يمنع وجوب الزكاة، كديون الله تعالى من الكفارات والنذور وغيرها، بخلاف الأموال الظاهرة؛ لأن الإمام يطالب بزكاتها.

وأما وجه قوله الآخر فهو: أن الزكاة قربة، فلا يمنع وجوب الزكاة، كدين النذور والكفارات.

ولأبي يوسف: الفرق بين وجوب الزكاة وبين دينها هو: أن دين الزكاة في الذمة لا يتعلق بالنصاب، فلا يمنع الوجوب؛ كدين الكفارات والنذور.

وأما وجوب الزكاة فمتعلق بالنصاب، إذ الواجب جزء من النصاب، واستحقاق جزء من النصاب يوجب النصاب؛ إذ المستحق كالمصروف. وحكي أنه قيل لأبي يوسف: ما حجتك على زفر؟ فقال: ما حجتي على من يوجب في مائتي درهم أربعمائة درهم؟ ! والأمر على ما قاله أبو يوسف؛ لأنه إذا كان له مائتا درهم فلم يؤد زكاتها سنين كثيرة، يؤدي إيجاب الزكاة في المال أكثر منه بأضعافه وأنه قبيح.

ولأبي حنيفة ومحمد: أن كل ذلك دين مطالب به من جهة العباد.

أما زكاة السوائم فلأنها يطالب بها من جهة السلطان عينا كان أو دينا؛ ولهذا يستحلف إذا أنكر الحول، أو أنكر كونه للتجارة أو ما أشبه ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>