للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن مبلغ دينه؟ فوجبت عليه زكاتها، كما لو كان جميع ماله جنسا واحدا.

وظاهر كلام أحمد رحمه الله: أنه يجعل الدين في مقابلة ما يقضى منه، فإنه قال في رجل عنده ألف وعليه ألف وله عروض بألف: إن كانت العروض للتجارة زكاها، وإن كانت لغير التجارة فليس عليه شيء.

وهذا مذهب أبي حنيفة، ويحكى عن الليث بن سعد؛ لأن الدين يقضى من جنسه عند التشاح، فجعل الدين في مقابلته أولى، كما لو كان النصابان زكويين.

ويحتمل أن يحمل كلام أحمد هاهنا على ما إذا كان العرض تتعلق به حاجته الأصلية، ولم يكن فاضلا عن حاجته فلا يلزمه صرفه في وفاء الدين؛ لأن الحاجة أهم، ولذلك لم تجب الزكاة في الحلي المعد للاستعمال، ويكون قول القاضي محمولا على من كان العرض فاضلا عن حاجته وهذا أحسن؛ لأنه في هذه الحال مالك لنصاب فاضل عن حاجته، وقضاء دينه، فلزمته زكاته كما لو لم يكن عليه دين.

فأما إن كان عنده نصابان زكويان وعليه دين من غير جنسهما ولا يقضى من أحدهما - فإنك تجعله في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته.

(فصل) : فأما دين الله كالكفارة والنذر ففيه وجهان:

أحدهما: يمنع الزكاة كدين الآدمي؛ لأنه دين يجب قضاؤه، فهو كدين الآدمي، يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: «دين الله أحق أن يقضى (١) » .

والآخر: لا يمنع؛ لأن الزكاة أكد منه لتعلقها بالعين، فهو كأرش


(١) صحيح البخاري الصوم (١٩٥٣) ، صحيح مسلم الصيام (١١٤٨) ، سنن الترمذي الصوم (٧١٦) ، سنن النسائي الأيمان والنذور (٣٨١٦) ، سنن أبو داود الأيمان والنذور (٣٣١٠) ، سنن ابن ماجه الصيام (١٧٥٨) ، مسند أحمد بن حنبل (١/٣٦٢) ، سنن الدارمي الصوم (١٧٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>