للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نهاه الله من مراجعتها ضرارا بقوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} (١) فلو راجعها وهو يريد ضرارها لثبت حكمها وصحت رجعته.

وأما الفرق بينه وبين الوكيل فهو: أن الوكيل إنما يطلق لغيره وعنه يعبر، وليس يطلق لنفسه ولا يملك ما يوقعه. ألا ترى أنه لا يتعلق به شيء من حقوق الطلاق وأحكامه، فلما لم يكن مالكا لما يوقعه، وإنما يصح إيقاعه لغيره من جهة الأمر إذ كانت أحكامه تتعلق بالأمر دونه لم يقع متى خالف الأمر، وأما الزوج فهو مالك الطلاق وبه تتعلق أحكامه وليس يوقع لغيره فوجب أن يقع من حيث كان مالكا للثلاث وارتكاب النهي في طلاقه غير مانع وقوعه كما وصفنا في الظهار والرجعة والردة وسائر ما يكون به عاصيا، ألا ترى أنه لو وطأ أم امرأته بشبهة حرمت عليه امرأته، وهذا المعنى الذي ذكرناه من حكم الزوج في ملكه للثلاث من الوجوه التي ذكرنا يدل على أنه إذا أوقعهن معا وقع إذ هو موقع لما ملك. اهـ.

وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٢) ترجم البخاري على هذه الآية باب من أجاز الطلاق الثلاث لقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (٣) وهذا إشارة منه إلى أن هذا التعديد إنما هو فسحة لهم فمن ضيق على نفسه لزمه (٤) اهـ.


(١) سورة البقرة الآية ٢٣١
(٢) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٣) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٤) انظر [تفسير القرطبي] (٣\ ١٢٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>