اضطر فلم يجد إلا طعاما لغيره نظرنا فإن كان صاحبه مضطرا إليه فهو أحق به ولم يجز لأحد أخذه منه؛ لأنه ساواه في الضرورة وانفرد بالملك فأشبه غير حال الضرورة وإن أخذه منه أحد فمات لزمه ضمانه؛ لأنه قتله بغير حق. وإن لم يكن صاحبه مضطرا إليه لزمه بذله للمضطر؛ لأنه يتعلق به إحياء نفس آدمي معصوم فلزمه بذله له كما يلزمه بذل منافعه في إنجائه من الغرق والحريق، فإن لم يفعل فللمضطر أخذه منه؛ لأنه مستحق له دون مالكه فجاز له أخذه كغير ماله، فإن احتيج في ذلك إلى قتال فله المقاتلة عليه، فإن قتل المضطر فهو شهيد وعلى قاتله ضمانه، وإن آل أخذه إلى قتل صاحبه فهو هدر؛ لأنه ظالم بقتاله فأشبه الصائل إلا أن يمكن أخذه بشراء أو استرضاء فليس له المقاتلة عليه لإمكان الوصول إليه دونها فإن لم يبعه إلا بأكثر من ثمن مثله فذكر القاضي أن له قتاله، والأولى أن لا يجوز له ذلك لإمكان الوصول إليه بدونها، وإن اشتراه بأكثر من ثمن مثله لم يلزمه إلا ثمن مثله؛ لأنه صار مستحقا له بقيمته ويلزمه عوضه في كل موضع أخذه فإن كان معه في الحال وإلا لزمه في ذمته. ولا يباح للمضطر من مال أخيه إلا ما يباح من الميتة. اهـ. المقصود منه.
مجمل ما ذكره ابن قدامة رحمه الله في [المغني] :
١ - أبيح للمضطر ما كان محرما عليه من أكل زرع غيره أو ثمره أو شرب لبن أنعامه بلا إذنه إبقاء على نفسه أو أكل الميتة إبقاء على يده حتى لا تقطع فيما لو أكل من الثمر ولم يصدق في دعوى اضطراره، وفي هذا دلالة على وجوب حفظ النفس والعضو وتحريم بذلها لغيره عند هؤلاء.