للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمة نسخ القبلة مخالفة للكافرين

فقد بين الله سبحانه أن من حكمة نسخ القبلة وتغييرها مخالفة الناس الكافرين في قبلتهم، ليكون ذلك أقطع لما يطمعون فيه من الباطل، ومعلوم أن هذا المعنى ثابت في كل مخالفة وموافقة، فإن الكافر إذا اتبع في شيء من أمره كان له في الحجة مثل ما كان أو قريب مما كان لليهود من الحجة في القبلة.

وقال سبحانه: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ} (١) وهم اليهود والنصارى الذين افترقوا على أكثر من سبعين فرقة، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن متابعتهم في نفس التفرق والاختلاف، مع أنه صلى الله عليه وسلم قد أخبر «أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة (٢) » مع أن قوله: «لا تكن مثل فلان (٣) » ، قد يعم مماثلته بطريق اللفظ أو المعنى، وإن لم يعم دل على أن جنس مخالفتهم وترك مشابهتهم أمر مشروع، ودل على أنه كلما بعد الرجل عن مشابهتهم فيما لم يشرع لنا- كان أبعد عن الوقوع في نفس المشابهة المنهي عنها، وهذه مصلحة جليلة.

وقال سبحانه لموسى وهارون: {فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٤) وقال سبحانه: {وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ} (٥) وقال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} (٦)


(١) سورة آل عمران الآية ١٠٥
(٢) سنن الترمذي الإيمان (٢٦٤٠) ، سنن أبو داود السنة (٤٥٩٦) ، سنن ابن ماجه الفتن (٣٩٩١) ، مسند أحمد بن حنبل (٢/٣٣٢) .
(٣) صحيح البخاري الجمعة (١١٥٢) .
(٤) سورة يونس الآية ٨٩
(٥) سورة الأعراف الآية ١٤٢
(٦) سورة النساء الآية ١١٥

<<  <  ج: ص:  >  >>