للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأوقات والعدد، فأما غير الطلاق فلا خلاف فيه، وأما الطلاق فوقع الغلط فيه من بعد الصحابة.

ثانيا: قال النووي: واحتج الجمهور بقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (١)

قالوا: معناه: أن المطلق قد يحدث له ندم فلا يمكنه تداركه؛ لوقوع البينونة، فلو كانت الثلاث لا تقع لم يقع طلاقه إلا رجعيا فلا يندم (٢) .

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي: ومما يؤيد هذا الاستدلال القرآني ما أخرجه أبو داود بسند صحيح عن طريق مجاهد قال: كنت عند ابن عباس، فجاءه رجل فقال: إنه طلق امرأته ثلاثا، فسكت، حتى ظننت أنه سيردها إليه. فقال: ينطق أحدكم فيركب الأحموقة ثم يقول: يا ابن عباس، الله قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (٣) وإنك لم تتق الله، فلا أجد لك مخرجا، عصيت ربك، وبانت منك امرأتك.

وأخرج له أبو داود متابعات عن ابن عباس بنحوه، وهذا تفسير من ابن عباس للآية بأنها يدخل في معناها (ومن يتق الله) ولم يجمع الطلاق في لفظة واحدة يجعل له مخرجا بالرجعة، ومن لم يتقه في ذلك بأن جمع الطلقات في لفظ واحد لم يجعل له مخرجا لوقوع البينونة بها مجتمعة، هذا هو معنى كلامه الذي لا يحتمل غيره، وهو قوي جدا في محل النزاع؛ لأنه


(١) سورة الطلاق الآية ١
(٢) [صحيح مسلم بشرح النووي] (١٠\٧٠، ٧١) .
(٣) سورة الطلاق الآية ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>